مسلمو أوغندا يستنصرون أمتهم
صفحة 1 من اصل 1
مسلمو أوغندا يستنصرون أمتهم
دخل الإسلام إلى أوغندا عام 1844م على يد العرب اليمنيين الذين جاءوا عبر الساحل الشرقي من زنجبار وكينيا ومومباسا، وكذلك عن طريق بعض التجار من مصر والسودان، ومع دخول الإسلام اعتنقه أغلب الأوغنديين، لكن بعض ملوك القبائل اعتنقوا النصرانية مع الاستعمار البريطاني أواخر القرن التاسع عشر عام 1870م حيث فاق عدد النصارى المسلمين وأصبحوا الأغلبية. ومع أن أوغندا من دول شرق إفريقيا إلا أن الإسلام لم يصل إليها إلا في وقت متأخر، وبقيت موئلًا للقبائل الوثنية التي تنتقل في ربوعها ثم التأمت تلك القبائل وأسست ثلاث ممالك كبيرة هي (بوغندا ـ أنكولي ـ أونيورو)، وظلت هكذا حتى تولى حكم مصر إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي، فدخل أوغندا وبسط سيطرته عليها، ورفع العلم المصري هناك، وأوفدت مصر الكثير من العلماء الذين ساهموا في نشر الإسلام هناك. وبعد انسحاب المصريين من السودان إثر الثورة المهدية؛ أصبح الجو خاليًا للإنجليز في أوغندا وازدادت الإرساليات النصرانية التي انتهت بالاحتلال، وكانت بوغندا هي مركز تجمع المسلمين بالبلاد, فقامت إنجلترا بتوحيد الممالك الثلاثة (بوغندا ـ أنكولي ـ أونيورو) وأطلقت عليها اسم أوغندا. وكانت سياسة إنجلترا في هذه المنطقة تتصف بروح صليبية خالصة تهدف في المقام الأول لمحاربة المسلمين والحد من نشاطهم قدر الإمكان، وعملت على ضم جنوبي السودان إلى أوغندا لإبعاد جنوبي السودان ذي الأكثرية الوثنية عن شماله المسلم لتحول دون تقدم المسلمين والإسلام نحو الجنوب، وليزداد عدد الوثنيين في هذه الدولة المقترحة ويقل عدد المسلمين ويضعف شأنهم، وبدأت تهيئ لذلك فأغلقت الجنوب في وجه الشماليين وشقت الطرق بين أوغندا وجنوبي السودان على الرغم من عدم وجود طرق بين الشمال والجنوب. حدثت ثورات متعددة على الاحتلال الإنجليزي ونالت أوغندا استقلالها، وسلمت إنجلترا مقاليد الحكم لأحد أتباعها وهو "ميلتون أوبوتي"، وفي سنة ظهرت شخصية "عيدي أمين" كقائد للجيش، وهو ضابط مسلم تدرب في "إسرائيل" وهو ذو طبيعة استبدادية، وقاد "عيدي أمين" انقلابًا ضد "ميلتون أوبوتي" وقام بطرد البعثة الإسرائيلية من أوغندا وسجن بعض أفرادها, وقام "عيدي أمين" بالحد من نشاط الإرساليات النصرانية وأعدم أحد القساوسة واتجه لنشر الدعوة الإسلامية؛ فزاد تعداد المسلمين في أيامه وأعلن انضمام أوغندا لمنظمة المؤتمر الإسلامي. لم تكن تلك الإجراءات مما يسكت عنها أعداء الإسلام فبدأت اللعبة الدولية المعروفة، وتم إثارة الخلاف على الحدود بين أوغندا وتنزانيا حتى انتهى إلى قتال مفتوح بين قوات البلدين، وتلقت تنزانيا معونات ومساعدات من "إسرائيل" وإنجلترا، واندحر الأوغنديون بعد مقاومة عنيفة وتم فرض القادة المتعاونين مع الغرب. يُقدر عدد مسلمي أوغندا بنحو 7 ملايين نسمة من إجمالي 24 مليون نسمة هم إجمالي عدد السكان الأوغنديين. ويتبع المسلمون في أوغندا مذاهب مختلفة، إلا أن الثقل الأكبر يبقى للمذهب الشافعي، ويأتي بعده المذهب الحنفي ثم المالكي، لكن هناك وجود للمذهب الشيعي ولطوائف أخرى صغيرة مثل القاديانية والأحمدية وغيرها. توحد بعد خلاف: يعيش مسلمو أوغندا حالة من التوحد بعد صراعات وفرقة مذهبية دامت لسنوات، إلا أنهم كأقلية في البلاد يواجهون العديد من التحديات لتدعيم هذه الوحدة على كافة الأصعدة التعليمية والسياسية والاقتصادية، فالمسلمون في أوغندا نبذوا خلافاتهم المذهبية منذ عام 2000م واتحدوا تحت مظلة المجلس الأعلى، وهو الهيئة الدينية الإسلامية التي تعترف بها الحكومة. وقد شعر المسلمون الأوغنديون بأهمية وحدتهم، بعد نزاعاتهم التي استمرت منذ زمن الرئيس السابق عيدي أمين، والتي أدت إلى تداعيات سلبية كثيرة على العمل الإسلامي. ورغم هذه الوحدة، إلا أن مسلمي أوغندا يعانون من تحديات من نوع آخر؛ ممثلة في الفرق المنحرفة، مثل: القاديانية والبهائية والإسماعيلية، وقد كان الإنجليز يسمحون لأفراد هذه الفرق بالعمل وسط التجمعات المسلمة بمستعمراتها لإفساد عقيدة المسلمين، وهذه الفرق أصلًا من صنائع الإنجليز وعمل أيديهم. كما يعاني مسلمو أوغندا من التغلل اليهودي ببلادهم، والتي كانت أحد ثلاث بلاد مختارة لإقامة دولة اليهود (فلسطين - الأرجنتين – أوغندا) وقد بحث وزير المستعمرات البريطاني "تشمبرلن" مع "هرتزل" منح اليهود أوغندا لإقامة دولتهم عليها وعلى الرغم من موافقة المؤتمر الصهيوني على ذلك الاقتراح إلا أن القادة الصهاينة رأوا يومذاك رأي الإنجليز في حتمية اختيار فلسطين قلب الإسلام لتكون خنجرًا في قلب الخلافة الإسلامية, وإذا كانوا قد اختاروا فلسطين إلا أنهم لم ينسوا دور إفريقيا الهام في مساندة قضيتهم ضد المسلمين فعملوا على التمركز بأوغندا وكينيا. ويفتقر المسلمون في أوغندا إلى وسائل الإعلام للتعريف بالإسلام والتعارف فيما بينهم لتثبيت وحدتهم؛ فمن بين 60 إذاعة أهلية لا يوجد سوى إذاعة إسلامية وحيدة هي "إذاعة صوت إفريقيا"، كما لا يمتلك المسلمون أي قنوات تلفزيونية على الرغم من وجود 6 قنوات بالبلاد. أوضاع تعليمية متردية: لمسلمي أوغندا الحرية في إنشاء الجمعيات الإسلامية والمدارس الخاصة بهم، ولكنهم يعانون من الفقر والمرض وتدني مستوى المعيشة بسبب تعمد الاستعمار إفقار مناطقهم، كما يعانون من الجهل والتخلف الشديد؛ وذلك لأن التعليم منذ أيام الاحتلال تسلمه رجال الإرساليات النصرانية مما أدى لابتعاد المسلمين عن مدارسهم التبشيرية، مع ضعف إمكانيات المسلمين وعدم قدرتهم على تكوين قاعدة تعليمية قوية، وهذا التخلف انعكس بدوره على الحالة الاقتصادية للمسلمين الذين يعانون من غفلة إخوانهم عنهم في حين أن النصارى يتلقون دعمًا هائلًا من القوى الصليبية العالمية. الأوضاع التعليمية لمسلمي أوغندا في مجملها سيئة؛ فهم لا يقبلون على تعليم أبنائهم نظرًا لارتفاع تكاليف التعليم، ويكتفون في أغلب الأحوال بالمراحل الأولى من التعليم، والقليل منهم يلتحقون بالجامعات. التعليم في المرحلة الابتدائية مجاني لكافة الأوغنديين، إلا أن الآباء يتحملون نفقات التعليم في المرحلة الإعدادية والثانوية وكذلك المرحلة الجامعية، وهو ما يتعارض مع القدرات المادية الضعيفة لأغلب المسلمين. وعلى الطالب الجامعي أن ينفق نحو 1500 دولار في العام الدراسي الواحد، والجامعات الأوغندية أغلبها أهلية خاصة، وللمسلمين جامعة إسلامية واحدة من بين 12 جامعة في أوغندا، ويوجد في هذه الجامعة دراسات باللغة العربية. هذا الارتفاع في تكاليف التعليم تسبب في عزوف كثير من المسلمين عنه، وأدى إلى توجه أبناء المسلمين للعمل فيما يُسمى بالأعمال الرخيصة مقارنة بأبناء المسيحيين؛ ولذلك نجد المسلمين يعملون كسائقين وعمال نظافة أو في الحقول، أما مهن الطب والهندسة وخلافه فيسيطر عليها أبناء الأغلبية المسيحية، إلا أن المسلمين وعوا في الأعوام القليلة الماضية بهذا الوضع المتردي، وبدأ بعض الحاصلين على الشهادات الجامعية منهم يقتحمون مجال العمل الراقي. ولدى مسلمي أوغندا مدارس قرآنية، ابتدائية وإعدادية وثانوية وكلها تعلم القرآن واللغة العربية بالإضافة إلى العلوم العصرية، إلا أن الإقبال عليها تقلص لأنها مدفوعة بعكس المدارس الحكومية التي تقدم التعليم المجاني، لكن هناك رغبة لجعل هذه المدارس العربية الإسلامية الصغيرة والمحدودة مجانية، إلا أنه لا يوجد أية جهة تستطيع تحمل رواتب المدرسين والعاملين فيها. دور متواضع للمساجد: وعلى الرغم من وجود نحو 7 آلاف مسجد، فإن الكثير منها من القش وبعضها من الطين، وتكون في الغالب غير مجهزة للقيام بالدور الحقيقي للمسجد، وهذا على عكس الدور الذي تقوم به الكنيسة من خلال مبانيها ومؤسساتها العديدة المنتشرة في البلاد، فالإمكانيات المتوفرة لدى الكنائس تمكنهم من التبشير بدينهم، خاصة أن لديهم مراكز إغاثة في كل مكان، ويحاول المجلس الأعلى الإسلامي الأوغندي تقوية دور المسجد؛ حيث يسعى لإعداد دورات للأئمة كل شهرين، ويقوم بتخريج 250 إمامًا في كل دورة. نشاط تنصيري في أوساط المسلمين: الجمعيات النصرانية متمركزة في شمال أوغندا، وهو ما جعل عدد المسلمين في هذه المناطق يقل جدًّا، حتى إنهم يمثلون 1%فقط. هناك استغلال من قبل الجهات التبشيرية لمرض الإيدز المنتشر بصورة رهيبة بين الأوغنديين، ويوجد 200 ألف أرملة مات زوجها متوفيًا بمرض الإيدز في البلاد، كما يوجد نحو مليونين من الأطفال الذين تيتموا بسبب هذا المرض، وهؤلاء جميعًا بحاجة إلى كفالة، ولذلك تنشط الجمعيات المسيحية بكثافة لاحتواء ضحايا هذا المرض من المسلمين وغيرهم، خاصة وأن نظرة الجمعيات المسيحية لمريض الإيدز متميزة، فهي تنظر إلى مريض الإيدز على أنه مسكين يحتاج إلى عناية، وبذلك تجتذبه، عكس نظرة بعض الهيئات الأخرى التي تعتبره مذنبًا حيث أقام علاقات غير مشروعة وتبخل بتقديم المساعدات له. وكنتيجة طبيعية لكل هذه الأوضاع، فقد كان تقلد المسلمين المناصب الحكومية والوزارات قليلة جدًّا، فمن بين 63 وزيرًا ونائب وزير ووزير دولة يوجد 6 فقط من المسلمين، كما أن مناصبهم غير مؤثرة بخلاف المسيحيين الذين يشكلون أغلبية الحكومة، ورغم أن حق التصويت في الانتخابات مكفول للجميع، إلا أن المسلمين في أوغندا يمنحون صوتهم للمسيحيين؛ لعلمهم أن أي مرشح مسلم لن يفوز.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى